جومانـا كتري نائبة المدير العام
عدد المساهمات : 359 مستوى التقييم : 821 تاريخ الميلاد : 01/03/1989 تاريخ التسجيل : 20/08/2009 العمر : 35 الاقامة : وسط الهموم المهنة : طالبة جامعية المزاج : ناااااايس
| موضوع: محمد وآل محمد هم الصراط المستقيم 2010-04-08, 10:38 am | |
| من الحقائق التي عرض لها القرآن الكريم أن الإنسان لم يخلق سدىً لا هدف له ولاغاية، قال تعالى: ((أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْناكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ)). وقال: ((إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى))وقال: ((يَا أَيُّهَا الاِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًافَمُلاقِيهِ))( فلقاء الله والرجوع إليه هو الهدف الذي من أجله خُلقالإنسان. الآيات لإثبات هذه الحقيقة كثيرة. قال تعالى: ((فَمَن كَانَ يَرْجُولِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَا))وقال أيضاً: ((إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوابِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَاغَافِلُونَ. أُولَئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)). تأسيساً على ذلك يطرح هذا التساؤل: كيف يمكن للإنسان أن يحقّق هذا الهدف، وما هوالطريق الموصل إلى لقاء الله سبحانه وتعالى؟ في مقام الإجابة نقول: إنّ الإنسان خُلق في نشأة الابتلاء والامتحان; قال تعالى: ((خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَلِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)) ، فكلّ شيء في هذه النشأة لأجل امتحان الإنسان. من هنا وضعه الله تعالى على مفترق الطريق ليختار لنفسه الاتجاهالذي يريد، قال تعالى: ((إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّاكَفُورًا)) وقال تعالى: ((فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَفَلْيَكْفُرْ)) فإذا استطاع الإنسان أن يقف على الطريق الذي يوصله إلى الهدف الذي خلق من أجله فهو المهتدي، وإلاّ فيكون من الضالّين. وانطلاقاً من هذه الحقيقة،يدعو الإنسان ربّه مرّات عديدة في صلواته اليومية ((اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)) لأنّ أفضل الطرق وأحسنها وأقصرها للوصول إلى الهدف هو الصراط المستقيم، وإذا لم يوفّق الإنسان لسلوك هذا الطريق فهو ضال لا محالة، ولا تزيده سرعة المشي في غير الصراط المستقيم إلاّ بعداً عن الهدف. وإلى هذا أشار الإمام الصادق (عليه السلام) بقوله: (العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق لايزيده سرعة المشي إلاّ بُعداً)( إذن فما هو الصراط المستقيم الذي يجب علىالسائر أن يسلكه للوصول إلى قرب الله ولقائه؟ لقد بيّن القران الكريم ذلك بقوله تعالى: ((قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) وكذلك قوله تعالى ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُواللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)). ومن الواضح أنّ الأنبياء جميعاً وعلى رأسهم خاتم الأنبياء والمرسلين هم من الذين هداهم الله إلىالصراط المستقيم، قال تعالى: ((كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُوَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىوَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ. وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَىوَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ . وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَع َوَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ . وَمِنْ آبَائِهِم وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِراط مستَقِيم . ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِى بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ) على هذا يكون الصراط المستقيم الموصل إلى الله تعالى هو إتباع الخاتم (صلّى الله عليه وآله). ولا يتحقّق هذا الإتباع إلاّ بالأخذ بكل ما جاءناعنه (صلّى الله عليه وآله) قال تعالى: ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَانَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا)) وما ذلك إلاّ لأنّه (صلّى الله عليه وآله) ((وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى)). ثمّ إنّ الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) حدّد كيفية إتباعه من أجل السير على الصراط المستقيم والخلاص من الضلالة بقوله: إنّي تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوابعدي، كتاب الله حبلٌ ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتّىيردا عليّ الحوض فانظروا كيف تخلفونني فيهما حيث بيّن (صلّى الله عليه وآله) أنّ المنجي من الضلالة هو التمسّك بالقرآن والعترة الطاهرة (عليهم السلام) معاً، ولذانقرأ في الدعاء: (اللهمّ عرّفني نفسك فإنّك إن لم تعرّفني نفسك لم أعرف رسولك،اللهمّ عرّفني رسولك، فإنّك إن لم تعرّفني رسولك لم أعرف حجّتك، اللهمّ عرّفني حجّتك فإنّك إن لم تعرّفني حجّتك ضللت عن ديني). فالذي ينجي الإنسان من الضلالةويهديه الصراط المستقيم هو معرفة الله والرسول والحجّة في كلّ زمان. ثمّ إنّ القرآن بيّن لنا حقيقة أخرى فيما يرتبط بالإنسان حيث قال: ((لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم . ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ)). فالإنسان وهو في نشأة الدنيا يعيش في أسفل السافلين، فعليه بعد أن تبيّن له الهدف والطريق أن يصعد من الأسفل إلى الأعلى; ((إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ)) وليس هذا الصعود مكانياً بل هو معنوي، ذلك أنَّ الارتفاع والصعود إلى الأعلى تارة يكون مكانياً كما لو صعد الإنسان على مرتفع من الأرض مثلاً، وأخرى يكون معنوياً كما في قوله تعالى في حق إدريس (عليه السلام): ((وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا)) إذ ليس المراد هو الارتفاع المكاني، بارتفاع مكانته عند الله تعالى. من هنا نجد أنّ القرآن الكريم والروايات الواردة عن النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله) ذكرت أنّ هذا الصعود إليه تعالى يحتاج إلى حبل. قال تعالى: ((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَتَفَرَّقُوا)).وللوقوف على هذا الحبل الذي أمرنا القرآن بالاعتصام به، نرجع مرّة أخرى إلى حديث الثقلين المتواتر بين الفريقين لنقف على حقيقة هذا الحبل، وماهو المقصود به؟ قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في خطبته المشهورة التي خطبها في مسجد الخيف في حجّة الوداع: (إنّي مخلّف فيكم الثقلين، الثقل الأكبرالقرآن، والثقل الأصغر عترتي وأهل بيتي، هما حبل الله ممدود بينكم وبين الله عزّوجلّ، ما إن تمسّكتم به لم تضلّوا) حيث عبّر الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) عن القرآن والعترة بأنّهما حبل واحد لا حبلان، وهذا معناه أنّ التمسّك بالعترة ليس شيئاً وراء التمسّك بالقرآن الكريم، بل هما حقيقة واحدة، لكن الفرق بينهما أنّ العترة هم القرآن الناطق، وأنّ القرآن هو العترة الصامتة، لذا ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) في ذيل قوله تعالى ((إِنَّ هَذَا الْقُرآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)) : (إنّه يهدي إلى الإمام).ومنه يتّضح معنى ماقاله أمير المؤمنين علي (عليه السلام): (ذلك الكتاب الصامت وأنا الكتاب الناطق)() فلا يعني بذلك أنّه هو الناطق باسم القرآن، بل عنى أنّه هو القرآن المتجسّد، ولذاورد عن الفريقين عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار) أي يدور الحق حيثما دار علي، لأنّه هو القرآن الناطق، أي هو التجسيد الحي لكتاب الله في واقع الناس وحياتهم. وعلى هذا الأساس نستطيع أن نفهمما ورد في تفسير العياشي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: (الصراط المستقيم أمير المؤمنين عليه السلام) وكذلك ما ورد في المعاني عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (هي الطريق إلى معرفة الله، وهما صراطان، صراط في الدنيا وصراط فيالآخرة، فأمّا الصراط في الدنيا فهو الإمام المفترض الطاعة، من عرفه في الدنياواقتدى بهداه مرّ على الصراط الذي هو جسر جهنّم في الآخرة ، ومن لم يعرفه في الدنيازلّت قدمه في الآخرة فتردى في نار جهنّم). وما ورد عن الإمام السجّاد (عليه السلام): (ليس بين الله وبين حجّته حجاب، ولا له دون حجّته ستر، نحن أبواب الله ونحن الصراط المستقيم ونحن عيبة علمه وتراجمة وحيه ونحن أركان توحيده ونحن موضع سرّه). بعد أن تبيّن أنّ الإنسان مسافر إلى الله تعالى، وكادح كدحاً للوصول إليه والقرب منه واللقاء به، وأنّ ذلك لا يتحقّق إلاّ من خلال إتباع القرآن والعترةالطاهرة اللذين هما حبل الصعود إليه سبحانه، أشار القرآن إلى زاد هذا السفر الإلهي،حيث قال: ((وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى))( قال أميرالمؤمنين (عليه السلام): (أوصيكم عباد الله بتقوى الله التي هي الزاد وبها المعاذ،زادُ مبْلِغ، ومعاذ منجح، دعا إليها أسمع داع، ووعاها خير واع، فأسمع واعيها، وفازداعيها) وقد أشار القرآن الكريم إلى أن خير مطية يمتطيها الإنسان لكي يصلإلى هدفه هو قيام الليل. قال تعالى: ((وَمِنَ اللَيلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةًلكَ عَسَى أَن يَبْعَثكَ رَبُّكَ مَقَامًامحْمُودًا)) ، وقال تعالى: ((قُمِاللَيلَ إِلاَّ قَلِيلاً. نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً. أَوْ زِدْعَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً). فتحصّل إلى هنا أنّ أفضل مركوب يمتطيه الإنسان للسير إلى الله تعالى هو قيام الليل، وأن أفضل الزاد هو التقوى، وأنأفضل طريق هو الصراط المستقيم. وبهذا يتضح دور التقوى في حياة الإنسان وموضعها في منظومة الشريعة الإسلامية، إذ كثيراً ما يقع الحث على التقوى من دون أن يتضح للسائرإلى الله موقع ذلك وموضعه في حياة الإنسان. | |
|