كما لا يخفى على الجميع أن واقع التعليم في العراق عانى ويعاني الأمرّين لأسباب كثيرة منها :
أولاً : الفقر المادي والثقافي العام والمستشري بين أوساط الجماهير حتى المتعلمة منها .
ثانياً : تدنّي وتدهور طرق ووسائل التعليم والتربية .
ثالثاً : المستوى المتدني للأساتذة والمعلمين الذين كانوا بدورهم ضحية للسياسات البائسة التي انتهجت سابقاً في التدريس ومنح الدرجات والشهادات والتقييم والوظائف .
رابعاً : عدم توفر الحماية اللازمة للأكاديميين والأساتذة والمعلمين والمؤسسات التعليمية ، ففي تقرير صدر عن دراسة قامت بها الأمم المتحدة نتج عنها أن عدد الهجمات المسجلة ضد الطلاب والأساتذة والمنشآت التعليمية داخل العراق لأسباب سياسية أو عسكرية قد تضاعف بصورة درامية خلال الأعوام المنصرمة ، وشملت قتل معلمين وتلامذة وتجنيد الطلاب في الحركات المسلحة واحتلال المدارس .
ووضعت الدراسة العراق وأفغانستان والأراضي الفلسطينية وكولومبيا وتايلاند والنيبال وزيمبابوي على رأس قائمة الدول التي تشهد انتهاكات مماثلة وإن نظام التعليم العراقي على شفير الإنهيار مع التراجع الهائل في حضور الفصول الدراسية .
وقال براندون أومالي ، وهو أحد معدي التقرير الذي أشرف على إصدارات المنظمات العلمية والثقافية في الأمم المتحدة : إن العمليات التي تم رصدها في الدراسة تشمل إطلاق النار والاغتيال المباشر والتفجير وتدمير الممتلكات وتجنيد الطلاب القُصَّر واحتلال المدارس من قبل المليشيات .
خامساً : عدم إيجاد الحلول اللازمة لكثرة المشاكل التي تواجهها الجامعات العراقية ، والمشاكل التربوية والتعليمية التي يواجهها الأشخاص المهجرون في العراق والتأثير الكبير لانعكاسات التهجير الداخلي على النظام التعليمي العراقي والمشكلات التعليمية التي يواجهها اللاجئون العراقيون في البلدان المجاورة وانعكاساتها على التعليم في العراق .
سادساً : قلّة وجود مراكز البحث والتطوير وهيئات التدريس والتخطيط وتوفير المستلزمات الأولية بين أيديها ، لأنه أمر مهم في تحقيق المهمة المناطة بجهة مختصة لدفع أجواء التعليم العالي إلى أمام ، في ضوء الحاجات الفعلية ميدانياً ومحلياً وفي ضوء المسيرة العالمية ولمتابعة أمور وزارة التعليم العالي والجامعة العراقية بين المدخلات والمخرجات الموجودة فيها .
سابعاً : توجه آلاف الطلبة إلى المدارس الدينية الخاصة وهي أماكن ليست لاكتساب العلوم بقدر ما هي مواقع لتفريخ الفكر المتزمِّت والتطرف الطائفي بدل الحصول على المعارف والعلوم التي تخدم الحاجات الحية المباشرة لتفاصيل اليوم الإنساني العادي .. فتجربة تلك المدارس لا تبشر بأيّة أمور معرفية علمية بالمعنى العام للرؤية ، وهي تفضي لإشكالات اجتماعية معرفية خطيرة .
ثامناً : عدم إعطاء حرية أكثر للأستاذ ابتداءً من الجامعة ووصولا إلى المدارس الابتدائية في التعامل مع التلاميذ والطلاب وبالطريقة التي تتيح له إيصال المادة العلمية بأفضل أسلوب والابتعاد عن الروتين الخانق الذي تفرضه وزارة التربية وعدم توفير المستلزمات الضرورية للمدارس التي من شأنها أن تكون عامل ثانوي لتحقيق الهدف المطلوب .
تاسعاً : عدم تحقيق العدالة في مسألة منح الإجازات الدراسية في وزارة التربية لغرض الحصول على شهادة أعلى ، فقد كان نصيب الحصة الأكبر من مزاجية المدراء العامين ، فهم يكتبون إلى الوزارة نريد أو لا نريد ولحد الآن لم يفهم سبب التقليص في حملة الشهادات العليا ومحاولة القضاء عليهم من خلال سياسة التيئيس التي قام بها وزراء التربية بمساعدة بعض من المدراء العامين لمديريات التربية ، وذلك بسلب حقوقهم وتهميش أدوارهم إلى الحد الأدنى .
عاشراً : المناهج الدراسية التي هي بحاجة ماسة إلى التطوير والتي اختفت من الجامعات والمدارس لتظهر في الأسواق السوداء وتصبح هم جديد من هموم العائلة العراقية .
أحد عشر : إشغال الطلبة بأنشطة غير علمية ولا علاقة لها بكسب المعارف والعلوم أو ممارسة الحياة الشبابية الصحية السليمة .. وتركهم يرزحون تحت ضغوط وظروف معاشية واجتماعية خطيرة ... لا تسمح لهم بالمتابعة أو الإنجازية العلمية المناطة بهم .
اثنا عشر : تردّي أوضاع الأبنية وعدم كفاية القاعات ونقص الخدمات فيها .. وعدم وجود قدرات استيعابية لقاعات الدرس والمحاضرة .
ثلاثة عشر : عدم توافر الخطط الإستراتيجية للعمل والافتقار للمقاييس والمعايير المثبتة دولياً للتعليم العالي .. الأمر الذي يتطلب إيجاد فريق عمل لدراسة النظام على جميع الصُعُد والمستويات وتحديد الإيجابي والسلبي ومقارنته بالتجارب العالمية .
أربعة عشر : عدم وجود الباحث أو الباحثة الاجتماعية في المدارس لغرض توعية الطلاب والطالبات ، وخاصة الفتيات في عمر الدراسة الابتدائية والمتوسطة .
خمسة عشر : انتشار ظاهرة ترك المدارس وعدم إكمالها بين الذكور أي أن نسبة من الشباب بمجرد انتهاءهم من الدراسة الابتدائية يلجئون إلى العمل ويتركون المدارس طلباً للمعيشة ، وهذا يؤدي إلى إحجام العوائل عن إرسال فتياتهم إلى المدرسة أصلاً ، بدعوى أن الأولاد لا يستفيدون من الدراسة فكيف البنات .
ستة عشر : قلّة الدعم الحكومي للتعليم حيث تصرف الهند 20% من ميزانية الدولة على التعليم بينما العراق أقل من 1% لذا فإن الدولة يجب أن تتحمل مسؤولية التخطيط ومعرفة أولويات عملها تجاه التعليم .
كل هذا أدى إلى انحدار مستوى التعليم في العراق إلى مستويات خطيرة وصلت إلى حد أن بريطانيا سحبت الاعتراف بشهادة الطب العراقية وغيرها